Non classéمتابعة الشأن الحقوقي والسياسي

جمعية القضاة التونسيين تدين انتهاك وزارة العدل المتواصل لاستقلالية القضاء

أصدرت جمعية القضاة التونسيين أمس 3 بيانات خصصت أولها للقضاء العدلي وثانيها للمحكمة الإدارية وثالثها لمحكمة المحاسبات واشتركت جميعها في تشخيص وضع القضاء الذي وصفته متى تحدثت عن القضاء العدليّ بالكارثي وبالمتردّي في وصفها للقضاء المالي واعتبرته منذرا بعواقب وخيمة فيما خصّ القضاء الإداري. وهي مواقف كان لكلّ منها فيها أدلة تؤيدها.

البيان الأول: واقع القضاء العدلي الكارثي[1]

ذكّرت جمعية القضاة في بيانها المتعلق بالقضاء العدلي بشغور مناصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب والوكيل العام لدى محكمة التعقيب ومدير المصالح العدلية والرئيس الأول للمحكمة العقارية منذ ما يزيد عن العامين واعتبرت ذلك فعلا قصديا كان الهدف منه “توسع نفوذ وزارة العدل داخل القضاء وبسط سيطرتها الكاملة عليه باستغلال وضعية الفراغ المؤسسي وحالة الشلل للمجلس المؤقت للقضاء العدلي”. وقد أدّى ذلك إلى المسّ بالثقة العامة في القضاء وإلى سوء إدارة المرفق القضائي.

مذكرات العمل وسطوة وزارة العدل:

أكدت الجمعية أن القضاء العدلي وبعد حجب الحركة القضائية السنوية وتعطيل مجلس القضاء المؤقت بات يدار بشكل مباشر من وزيرة العدل باستعمال مذكرات عمل ينقل بموجبها قضاة من دون احترام لمبدأ عدم نقلة القضاة بدون رضاهم المكرّس في دستور 2022 وتتم ترقية عدد منهم وسحب الخطّة مع الحطّ من درجة لعدد آخر. ونبّهت إلى أنّ تلك المذكرات تصدر بشكل شبه يوميّ وأنها “تأسّست كلّها على قاعدة الجزاء والعقاب” وأدّت مع ما رافقها من قرارات إيقاف عن العمل إلى “فقدان الثقة في القضاء وفي عدالة المحاكمات خاصة ذات الخلفية السياسية وذات العلاقة بحرية الرأي والتعبير والإعلام أو التي تكون في طليعة اهتمام الرأي العام، وهكذا صار المشهد القضائي وبالنظر إلى غياب مبدأ الشفافية محكوما بالكلية في عملية إعادة تشكيل واضحة بمدى فاعلية الشبكات الخفيّة من الصلات الشخصية بوزارة العدل والقائمين عليها والانتفاع منها ووفقا لرغبة السلطة السياسية في تقريب الموالين واستبعاد غيرهم وذلك بدءا بمحكمة التعقيب ووصولا إلى كل محاكم الجمهورية بلا استثناء.”

في هذا كان خطاب الجمعية على درجة عالية من الجرأة في الدفاع عن حقّ من يلاحقون في محاكمات توصف بالسياسية في أن يقاضيهم قضاة مستقلّون لا يرتهنون في مسارهم المهني لسطوة وزارة العدل كما هي الحال الآن وينتظر أن يكون لموقفها صدى هامّ في الساحة الحقوقية والسياسية التونسية مع انطلاق محاكمات الرأي الكبرى. وذات الجرأة حضرت أيضا في حديثها عن تردي مرفق القضاء وضعف قدرته على تحقيق العدالة لعموم المتقاضين.

تردي مرفق القضاء:

أوضحت الجمعية أن ما يتم من نقل للقضاة خلال السنة القضائية لم ينظر فيه لمصلحة القضاء والمتقاضين وأدّى في كثير من الحالات لتعطّل مكاتب تحقيق ودوائر قضائية. وقد مسّ  بالحق في التقاضي وبضمانات المحاكمة العادلة.

كما نبهت إلى أن شغور منصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب منذ سنتين عطل عمل الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب التي لا يمكن لها أن تنعقد دون حضوره قانونا. وهو ما يؤدي ضرورة لإنكار العدالة.

وحملت الجمعية وزارة العدل والسلطة السياسية المسؤولية الكاملة عن إرباك عمل القضاء دون أن يمنعها ذلك من دعوة القضاة لبذل الجهد رغم الصعاب وغياب ضمانات استقلالية القضاء لتحقيق العدالة.

البيان الثاني: وضع القضاء الماليّ المتردّي[2]

بداية سنة 2023 تقاعد الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات ولم يعين من ذلك التاريخ خلفٌ له رغم تقديم المجلس المؤقت للقضاء المالي لترشيحات لرئيس الجمهورية كما يفرض ذلك المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المتعلّق بالمجلس الأعلى المؤقّت للقضاء وبقي بالتالي منصبه شاغرًا. كما لم يستقبل رئيس الجمهورية الوكيل الأول لرئيس محكمة المحاسبات ليتسلم منه تقريرها السنوي عدد 33 رغم توجيه طلب له في ذلك منذ مدة. وقد منع ذلك نشر التقرير للعموم. وأدى بالتالي  لحجب وثيقة رقابية هامة كان سابقا نشرها والنقاش العام حولها  يساهم في تطوير سياسة  مكافحة الفساد ويؤدي  لترشيد حوكمة الإدارة والمؤسسات العمومية.

فضلا عن ذلك، لم يحدّد رئيس الجمهورية موعدا لجلسة أداء اليمين المشترطة قانونا لأعضاء المجلس المؤقّت للقضاء المالي المعينين بالصفة وهم الوكيل الأول لرئيس محكمة المحاسبات ووكيل الدولة العام لدى ذات المحكمة وأقدم رئيس دائرة استئنافية بها[3] بما يمنع هؤلاء من مباشرة مهامّهم ويعطّل بالتالي مجلس القضاء المؤقت المالي.

استعرضت جملة هذه الوقائع جمعيّة القضاة قبل أن تؤكد أنها تؤدّي إلى إرباك عمل محكمة المحاسبات وتدعو السلطة للكفّ عن التعطيل الممنهج لعمل محكمة المحاسبات والذي يخالف شروط استقلاليتها كما يمس بحق قضاتها في إدارة مسارهم المهني وفق القانون.

البيان الثالث: حجب الحركة القضائية السنويّة للقضاء الإداري[4]

كشفت جمعية القضاة في بيانها الخاص بالمحكمة الإدارية عن عدم إصدار رئيس الجمهورية للحركة السنويّة للقضاء الإداري رغم كون المجلس المؤقّت للقضاء الإداري وجّهها له منذ 12-08-2024. واعتبرت ذلك بما فيه من مس بالحقوق المهنية لقضاة تلك المحكمة مما يشتبه في كونه عقابا لهم على خلفية اجتهاداتهم القضائية في النزاع الانتخابي الرئاسي.

وعليه، كانت جمعيّة القضاة مرّة أخرى على مستوى كبير من الجرأة في تشخيص الوضع القضائيّ وفي ربط تردّيه بخيارات السلطة وتوجّهاتها. ويهمّ المفكرة لهذا الاعتبار تمكين قرّائها من الاطّلاع على هذه البيانات المهمّة علّ ذلك ينبّهنا جميعا إلى أن الدفاع عن استقلالية القضاء مسؤولية مجتمعية وشرط أساسي لبناء دولة الحقوق الحريات.


[1]  ورد في البيان المتعلق بالقضاء العدلي  “

إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، وفي خضمّ الوضع القضائي العام الحالي والذي يتسم بمزيد توسع نفوذ وزارة العدل داخل القضاء وبسط سيطرتها الكاملة عليه باستغلال وضعية الفراغ المؤسسي وحالة الشلل للمجلس المؤقت للقضاء العدلي بعد إحداث شغورات قصدية في تركيبته وعدم سدها منذ عامين،

ومع الأوضاع المتفاقمة والحرجة والمثيرة للانشغال الشديد التي تحولت شيئا فشيئا إلى وضعية كارثية تتعمق يوما بعد يوم وسنة بعد أخرى وصل إليها القضاء بعد نزع كل ضمانات الاستقلالية عليه في غياب مجلس أعلى للقضاء مستقل وفاعل ومن خلال الإدارة المباشرة التي يخضع لها من السلطة التنفيذية وفي ظل التدخل التشريعي للحد من اختصاصاته على غرار ما حصل في تنقيح القانون الانتخابي وهو ما أدى إلى تقهقر دوره في حماية الحقوق والحريات وتلاشي موقعه في صنع أي توازن بين السلط.

وأمام التعسف المتواصل في استعمال آلية مذكرات العمل بصفة تكاد تكون يومية في القضاء العدلي بقصد إحداث تغییرات جوهرية ومستمرة في تركيبة المحاكم ومسؤوليها وقضاة النيابة العمومية وقضاة التحقيق والدوائر القضائية الحكمية خلال السنة القضائية في عدد كبير من محاكم الجمهورية دون مراعاة لأدنى الضوابط القانونية في ذلك أو المعايير الموضوعية أو لمقتضيات حسن سير القضاء ومرفق العدالة،

وبالنظر إلى التوسع غير المسبوق في تاريخ القضاء على مدى كل الأحقاب في استعمال تلك المذكرات لترقية القضاة من رتبة إلى أخرى بالإضافة إلى عدم وضع حدّ للإيقافات عن العمل التي أقدمت عليها وزيرة العدل خارج أي مسار تأديبي كاشف للأسباب والمبررات، وبالنظر إلى ما نتج عن ذلك في كثير من الحالات من إفراغ للمحاكم من العدد المعقول من القضاة حفاظا على حسن سير العمل وما أدى إليه من ضرورة دمج الدوائر بعضها في بعض وأفضى إلى حصول ارتفاع بين في حجم العمل في عديد المحاكم يفوق طاقة الاحتمال البشرية نتيجة كثرة الملفات مع طول الجلسات التي تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل دون إيلاء أي اعتبار انساني لإرهاق القضاة والكتبة والمحامين وعدم قدرة المتقاضين على متابعة قضاياهم نتيجة الاضطراب والفوضى في توزيع الملفات بحكم حذف دوائر ودمجها في دوائر أخرى نتيجة النقل الاعتباطية للقضاة بشكل شبه يومي من ذلك ما حصل في المحاكم الابتدائية بالمنستير وقفصة وسيدي بوزيد وغيرها فضلا على ما تسببت فيه تلك النقل من إغراق لمكاتب التحقيق ومكاتب النيابة العمومية وانتظار المتهمين الموقوفين دون النظر في قضاياهم والبت فيها.

وبعد التنبيه المتكرر وبشكل خاص إلى بقاء محكمة التعقيب بلا رئيس أول وبدون وكيل للدولة منذ أكثر من سنتين وهو وضع شاذ وغير مسبوق وإلى اسناد إدارة هذه المحكمة العليا إلى قضاة بتكليف يسهل توجيههم من وزارة العدل في تشكيل الدوائر وتوزيع الملفات وتنطبق هذه الوضعية للشغور المتواصل أيضا على المحكمة العقارية التي خلت هي أيضا من رئيس لها. إضافة إلى ما تمت ملاحظته من أن تعيين رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب عن طريق مذكرات العمل من جملة القضاة الأقل أقدمية وحتى الأقل كفاءة يتم في نطاق التعتيم التام وفي جو تسوده المحاباة وتستخدم فيه الصلات الشخصية بوزراة العدل والقائمين عليها حيث تغيب مقاييس الكفاءة والاستقلالية والنزاهة والتناظر الشفاف.

كما يتأكد التنبيه إلى توقف انعقاد هيكل الدوائر المجتمعة بمحكمة التعقيب منذ أكثر من سنتين في ظل شغور خطة الرئيس الأول للمحكمة الذي يدعو لانعقادها وما ترتب عن ذلك من تعطل حقوق المتقاضين في البت في قضاياهم المعروضة على تلك الدوائر المجتمعة ونخص بذكر منها القضايا الجزائية المتعلقة بالموقوفين في السجون ممن ينتظرون قرارا ت الدوائر المجتمعة منذ سنين، فإن المكتب التنفيذي:

أولا: يستنكر بشدة تواصل النهج التسلطي الذي تسلكه وزارة العدل واستئثارها بتسيير القضاء العدلي والتحكم في المسارات المهنية للقضاة وإدارتها بشكل تعسفي وانتقامي خارج كل ضمانات التقييم الموضوعي والمستقل للأداء القضائي والتنافس على المسؤوليات القضائية بعد تعمد تغييب المجلس المؤقت للقضاء العدلي وتجميد نشاطه واستدامة تلك الوضعية وانعدام كلّ بوادر لوضع حدّ لها.

ثانيا: يشدد على أن إطلاق يد السلطة التنفيذية في إدارة المسارات المهنية للقضاة بمذكرات العمل قد ألغى آلية الحركة القضائية السنوية كضمانة من ضمانات استقرار عمل القضاة والعمل داخل المحاكم بما أصبح له وخيم العواقب إذ أفضى إلى وضعية أضحى فيها القضاة غير قادرين على حماية حقوق وحريات المتقاضين لما يتهددهم بشكل اعتباطي وفوري من نقل وتجريد من المسؤوليات وحط من الرتبة.

ثالثا: يذكر وبعد المعاينة السابقة عموم القضاة والرأي العام بأسره أن جميع النقل السابقة بمذكرات العمل أو التجريد من المناصب تأسست كلها على قاعدة الجزاء والعقاب واقترنت بنقلة المسؤولين السابقين إلى دوائر قضائية بعيدة عن مقرات سكناهم وبالحط من رتبة العديد منهم في خرق واضح لمبدأ الأمان القانوني ولمبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه المنصوص عليه بالدستور.

رابعا: يجدد طلبه بفتح تحقيقيات حول ظروف وملابسات قرارات التجريد من الخطط القضائية والإيقافات عن العمل والتي أثارت عديد التساؤلات في الوسط القضائي منها إيقاف القاضي المستشار بديوان وزيرة العدل واستقالته وإحالته على القضاء، وإعفاء المتفقدة العامة بوزارة العدل من خطتها وتعيينها وكيلا للرئيس الأول لمحكمة التعقيب في تغييب كامل لضمانات المساءلة القانونية ودون بيان ما تسبب فيه القاضيان المذكوران من أضرار جسيمة بالمحاكم من خلال تدخلهما في إدارتها وتعيين القضاة واعفائهم ويطالبون وزيرة العدل بتقديم الإيضاحات اللازمة حول كل ذلك.

خامسا: يسجل أن غياب الضوابط القانونية والمؤسسية في ترقية القضاة بمذكرات العمل أدى إلى عدم ترتيب الاَثار المادية على ذلك مما ينال من مبدأ الأمان المالي للقضاة ويحرمهم من مستحقات مادية وامتيازات عينية كأثر مباشر للارتقاء من رتبة إلى أخرى.

سادسا: يشير إلى التداعيات الخطيرة لتسمية القضاة والقاضيات بالمؤسسات القضائية الأخرى كالمعهد الأعلى للقضاء وضمن إطار التدريس من بين الموالين وأصدقاء وصديقات وزيرة العدل خارج كل معايير الشفافية والتناظر على الكفاءة العلمية والاستقلالية وأن ذلك يحصل في مؤسسة من المفروض أن تكوّن وتنشئ القضاة على قيم الاستقلالية والحياد على السلطة التنفيذية وعلى كل السلط ومراكز الضغط والنفوذ.

سابعا: يسجلون بعميق الخشية والانشغال غياب أي رؤية لبرنامج إصلاحي للقضاء من خلال سياسات عمومية مكتوبة ومدروسة طبق المعايير الدولية المعلومة تُعرض للنقاش العمومي واندثار آليات الإصلاح القضائي وانقطاع إشاعة ثقافة استقلال القضاء في غياب المؤسسات المستقلة للقضاء وأهمها مجلس أعلى للقضاء منتخب ومستقل.

ثامنا: يستخلص المكتب من كل ما سبق أن استفحال هذه الوضعية الكارثية للقضاء أدى إلى:

– حالة من الفوضى ومن اختلال التوازن في توزيع القضاة بين المحاكم بما أثر بوضوح على سير العمل وعلى حقوق المتعاملين مع المرفق القضائي من متقاضين ومحامين.

– مزيد إحكام قبضة وزارة العدل على المسؤوليات القضائية بإدخال التغييرات المتتالية عليها دون مراعاة للأقدمية وللكفاءة المستوجبتين وحتى في المراكز الأكثر حساسية من ذلك خطة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس التي عين فيها 3 قضاة في ظرف وجيز دون أن تبين الوزارة أسباب التعيين وأسباب الإقالة ودون الإبلاغ عن نتائج التحقيقات التي يعلن عن مباشرتها من حين لآخر بمناسبة الإقالات كإقالة وكيل الجمهورية الأسبق بالمحكمة الابتدائية بتونس والتي أثارت عديد التساؤلات لدى الرأي العام.

– فقدان الثقة في القضاء وفي عدالة المحاكمات خاصة ذات الخلفية السياسية وذات العلاقة بحرية الرأي والتعبير والإعلام أو التي تكون في طليعة اهتمام الرأي العام، وهكذا صار المشهد القضائي وبالنظر إلى غياب مبدأ الشفافية محكوما بالكلية في عملية إعادة تشكيل واضحة بمدى فاعلية الشبكات الخفية من الصلات الشخصية بوزارة العدل والقائمين عليها والانتفاع منها ووفقا لرغبة السلطة السياسية في تقريب الموالين واستبعاد غيرهم وذلك بدءا بمحكمة التعقيب ووصولا إلى كل محاكم الجمهورية بلا استثناء.

تاسعا: يتوجه المكتب التنفيذي في الأخير بالتهنئة مجددا إلى قضاة الفوج 32 المتخرجين حديثا من المعهد الأعلى للقضاء بعد تعيينهم في مختلف المحاكم ويدعوهم وعموم القضاة إلى التمسك باستقلالهم وحيادهم في أداء رسالتهم النبيلة ولعب دورهم كاملا في حماية الحقوق والحريات وتفعيل مبادي المحاكمة العادلة.

كما يذكر عموم القضاة بأن اعتصامهم بتطبيق القانون وانصاف الناس في حقوقهم وحرياتهم مهما اشتدت الظروف ودون الخضوع لأي ضغوطات يبقى واجبهم ومسؤوليتهم الأصلية وضمانتهم الوحيدة في حفظ كرامتهم واعتبارهم كقضاة وفي حفظ موقع القضاء في إقامة العدل ورد الظلم والحيف على كل طالب للعدالة وهو ما تستقر به السلم الاجتماعية وتترسخ به مقومات دولة القانون.”

[2]  ورد بالبيان المتعلق بالقضاء المالي ” إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وعلى إثر الوقوف على الوضع المتردّي للسلطة القضائية في تونس بعد إحكام السلطة التنفيذية قبضتها على القضاء بمختلف فروعه العدلي والإداري والمالي وتجريد السلطة القضائية من كلّ مقومات الاستقلالية الهيكلية والوظيفية،

وإذ يذكّر بالمواقف السابقة لجمعية القضاة التونسيين من تعطيل السلطة التنفيذية إصدار تسمية الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات وبقاء المحكمة دون رئيس أوّل لمدة فاقت السنتين ولأوّل مرة في تاريخها بما أثر سلبا على سير أعمالها كهيكل قضائي مستقل يمثّل القضاء المالي وجهاز أعلى للرقابة على التصرف في المال العام وفق القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المتعلق بمحكمة المحاسبات،

وباعتبار تعطيل نشر التقرير السنوي العام لمحكمة المحاسبات بالرغم من جهوزيته منذ ما يفوق السنة وتعطيل أعمال المجلس المؤقت للقضاء المالي من قبل السلطة التنفيذية بعدم استكمال إجراءات مباشرة الأعضاء الجدد بالمجلس عوضا عن الأعضاء المغادرين،

فإنّه:

أولا: يحمّل السلطة التنفيذية مسؤولية تعطيل تسمية الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات بالرغم من استكمال كل إجراءات اقتراح التسمية من قبل المجلس المؤقت للقضاء المالي منذ نوفمبر 2022 كما يحمّلها مسؤولية تبعات ذلك على السير العادي لعمل المحكمة وفق قانونها الأساسي.

ثانيا: يستنكر تعطيل نشر التقرير السنوي العام الثالث والثلاثون لمحكمة المحاسبات من قبل السلطة التنفيذية بالرغم من تفاني قضاة المحكمة في إعداده بما يستجيب لمتطلبات منظومة فعالة للشفافية والمساءلة والنزاهة في التصرف في المال العام وبما يتلاءم والمعايير الدولية المتعارف عليها، وبالرغم من استكمال المحكمة منذ السنة والنصف لكل الأعمال التحضيرية والإجرائية لنشر تقريرها السنوي كما دأبت على ذلك منذ الثورة.

ثالثا: يعبّر عن خشيته من التعطيل الممنهج للقضاء المالي عبر تعطيل مباشرة الأعضاء الجدد لمجلس قضائه المؤقت بعد استكمال التركيبة بالحركة الأخيرة بعنوان السنة 2024-2025 والنتائج الوخيمة لهذا التعطيل على المسارات المهنية للقضاة لا سيما القضاة المؤهلين حاليا للتسمية برتبة مستشار والقضاة المؤهلين للمسؤوليات القضائية وعلى استقلالية أدائهم لمهامهم القانونية في مجال ضمان الشفافية والمساءلة والنزاهة في التصرف في المال العام.

رابعا: يدعو السلطة التنفيذية إلى تلافي التعطيل المؤسساتي الذي أحدثته بالقضاء المالي وفق دعائم الاستقلالية الهيكلية والوظيفية التي أرساها القانون الأساسي لمحكمة المحاسبات لسنة 2019 وخاصّة إصدار تسمية الرئيس الأول للمحكمة وفق المقترح الصادر عن المجلس المؤقت للقضاء المالي ورفع التعطيل المسلّط على نشر التقرير السنوي للمحكمة وتثمين أعمالها بما يخدم المصلحة العامة ويعزز منظومة المسؤولية والمساءلة في القطاع العام ورفع تعطيل مباشرة الأعضاء الجدد لمجلس القضاء المالي بما يضمن مواصلة النظر في مسارات القضاة المهنية من قبل المؤسسات القانونية.”

[3]  سبق وتم تعيينهم بموجب الامر عدد 469 لسنة 2024 مؤرخ في 02-09-2024 متعلق بحركة قضائية سنوية في القضاء المالي ويفرض مرسوم المجلس المؤقت للقضاء ان يؤدوا يمينا خاصا امام رئيس الجمهورية ليباشروا مهامهم به

[4]  ورد في البيان الخاص بالمحكمة الإدارية ” إنّ المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، وبعد اطّلاعه على قرار الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية المؤرّخ في 14 فيفري 2025 المتعلق بتعيين أعضاء المحكمة الإدارية في مختلف هيئاتها القضائية والاستشارية للسنة القضائية 2024/2025، وهو يعاين التأخير الكبير في ضبط تركيبة المحكمة الإدارية للسنة القضائية الحالية، فإنه:

أوّلا: يُحمّل السلطة التنفيذية بالأساس مسؤولية هذا التأخير بامتناعها غير المبرّر إلى حدّ التاريخ عن إصدار الحركة القضائية للقضاء الإداري للسنة القضائية 2024-2025 رغم المصادقة عليها من المجلس المؤقّت للقضاء الإداري منذ يوم 12 أوت 2024.

ثانيا: ينبّه إلى العواقب الوخيمة لعدم إمضاء رئيس الجمهورية للحركة القضائية للقضاء الإداري وما ترتّب عنه من شغورات على مستوى رئاسة عدد من الدوائر بالمحكمة بما أفضى إلى تكليف قضاة مباشرين لمهامهم على رأس دوائر أخرى بتسيير الدوائر الشاغرة بالنيابة وما يستتبع ذلك من إثقال لكاهلهم وإطالة لآجال فصل القضايا وتعطيل لمصالح المتقاضين.

ثالثا: يعبّر عن عميق انشغاله إزاء عدم إمضاء أمر ترقية الزملاء المستشارين المساعدين بالمحكمة الإدارية الذين تمّ تأهيلهم لرتبة مستشار من مجلس القضاء الإداري منذ تاريخ 12 جويلية 2024 وما انجرّ عنه من انعكاس سلبي حيني على تطوّر مساراتهم المهنية وعلى تحفيزهم لمزيد الارتقاء بأدائهم.

رابعا: لا يُخفي في هذا السياق خشيته المبرّرة من ارتباط هذا التعطيل بتمسّك المحكمة الإدارية بتوجهاتها فقه القضائية المستقرة في مادة النزاع الانتخابي بمناسبة بتّها في الطعون المتعلّقة بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.

خامسا: يطالب رئيس الجمهورية بتدارك التأخير الكبير الحاصل في نشر الحركة القضائية للقضاء الإداري 2024-2025 طبق مقترح مجلسه المؤقت ضمانا لحسن سيره وعدم تعطل عمله وإيصال الحقوق إلى أصحابها في أقرب الآجال.”

منقول عن المفكرة القانونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى